بواسطة (912ألف نقاط)

في ليلة شتوية قـارس بردها، حالكة ظلمتها، فوجئت فاطمة بوصول ابنها حاتم وخاله عادل من معسكرهما في مأرب !! فاستقبلتـهـمـا بـفـرح وسرور ، وأسرعت تخبر زوجها بمقدمهما ، فرحب بهما، وطلب منها الإسراع بإعداد وجبة العشاء، فانطلقت حثيثاً تدعو أبنتها عبير لمساعدتها، جلس الرَّجُلانِ يتحادثان عن صداقتهما القديمة، بينما عكف حاتم على مشاهدة التلفزيون، وما هي إلا لحظات والطعام جاهز، فشرعتا في تقديمه، وبعد أن فرغتاً استدعت الأم الصديقين ( زوجها وأخاهَا) وطلبت عبير من حاتم أن يجلس إلى جوارها وبينما الجميع منهمكون في تناول الطعام، شد انتباههم صوت المذيع في التلفزيون، وهو يتحدث عن ليلة الإسناد الزمني ، ويدعو المواطنين إلى معاونة مندوبي التعداد السكاني ، وإعطائهم بيانات صحيحةً ، فقالت الأم فاطمة : لم نَعُد نشاهد، أو نسمع في هذه الأيام إلا عن التعداد، في الإذاعة والتلفزيون حتى الشوارع مملوءة باللافتات المشيرة إلى ذلك فلماذا هذا الاهتمام الكبير؟فأجابها الوالد لا تُهَوِّلِي الأمر يا فاطمةُ !!، ولا تنسي أنَّ هذا هُوَ أَوَّلُ تعداد شامل في اليمن بعد تحقيق الوحدة المباركة، وساحدثكم عن أهمية التعداد بعد الانتهاء من الطعام، فأنهى الجميع طعامَهُمْ، وَهُمْ متلهفون، فالتَّفُوا حول الوالد فَقَالت عبير: هيا يا أبي حدثنا لماذا تهتم الحكومة بالتعداد السكاني ؟ أجاب الوالد : تهتم الحكومة بالتعداد لأنها تعرف عن طريقه عـدد السكان، الذكور والإناث، والكهول، والشباب والأطفال وعدد المتعلمين، والمستويات المختلفة لهؤلاء المتعلمين، وتعرفُ أصحاب المهن والحرف، وعدد المزارعين ، والفنيين، والمهندسين وغيرهم من أصحاب الأعمال المختلفة، كما أنها تعرف عدد من لا عمل لهم، وعدد العجزة، والمعاقين، وكذلك نسبة زيادة السكان في البلاد ، ومناطق تمركزهم ، ونسبة توزيعهم الجغرافي، وحتى عدد المواليد والوفيات، فسأل حاتم والده : وما فائدةً كلّ ذلك يا أبي ؟ قال الوالد : الست جندياً يا حاتم؟ قال حاتم : بلى ... أنا جندي . قال الوالد : إِذا هَبْ أَنَّ قائداً في الميدان لا يعرفُ عدَدَ جنوده وما لديه من أسلحة، وذخائر، ومَا يَنْقُصُهُ منها، وما يزيد عن حاجته، فهل يستطيع مثل هذا القائد أنْ يخوض معركةً وينتصر فيها؟! قال :حاتم لا يا أبي إنَّ مثل هذا القائد لا يُمكن أن ينتصر. قال الوالد : وكذلك شأن الأمة التي تسير في حياتها بغير إحصاء دقيق، ومن أجل ذلك حرصت الدول المتقدمة أن تبني سَيَاسَاتِهَا وَتَضَعَ مشروعاتها على أساس إحصائي سليم، وعلى ضوئه تقرر الدولة عدد المدارس التي يحتاجُ إليها الشعب، وفي ضوء نتائجه تُبنى المستشفيات، والوحدات العلاجية التي تكفَلُ للشَّعب حياة صحية تمكنه من العمل، والإنتاج، وتهيئ له عيشةً هانئة راضيةً وعن طريقه تضع الدولة خططها لإصلاح الأرض، وتشجيع الإنتاج الحيواني وإقامة المصانع، وحتى ! لا تتفاجأ الحكومة بوجود انفجار سكاني يؤدي إلى نقص في الخدمات فإنّها على ضوء نتائج التعداد تُعد دراسات تعالج أية مشكلة اجتماعية تظهر في المجتمع، كارتفاع نسبة الأمية، واتساع رقعة الـفـقـر، وزيادة الـهـجـرة الـداخـليـة، والخارجية، لكي توفر لكل فرد معيشة كريمة.

وقف الجميع بذهول !! قائلين : إلى هذا الحد ؟!! أجابَ الوالد : نعم، نعم، وَأَرْدَفَ يَقولُ : ولما كانَ للإحصاء هذا الأثر الكبير، وجدنا الحكومة لا تكتفي بتعداد السكان بل تقوم باحصاءات متعددة في النواحي المختلفة، فلديها إحصاءات عن مساحة الأرض المزروعة، وأنواع الحيوان، والشركات، والمؤسسات، والمصارف ، والمحال التجارية، والمصانع وغيرها .... قال الحالُ : هل عرفتم الآن يا أبنائي أهمية التعداد السكاني. قَالُوا : نعم عرفنا، قالت الأم : وأنا كذلك، إلا أنني لم أعرف ما هي ليلة الإسناد الزمني ؟! فتبسمَ الوالد وقالَ: إِنَّ ليلة الإسنادِ الزَّمني هي هذه الليلة وسيتم فيها عد الأشخاص، وحصرهم في الأماكن التي قضوا فيها ليلتهم هذه، وهذا هُوَ أسلوب التعداد الفعلي. قالت الأم : هذا غير معقول! فلا يمكن أن يتم حصر النَّاسِ كلهم في ليلة أو ليلتين ولا في أسبوعين، قال الأب: ليس الأمر كما تتصورين، فستقوم كل أسرة، أو جماعة بإثبات أفرادها في المكان الذي قضُوا فيه ليلتهم، وسيأتي المندوبون بأخذ البيانات لاحقاً. قالت : الآن فهمت كل شيء ، اذهبي يا عبير - واحضري ورقةً، وقلماً، واكتبي بيانات الأسرة ، ولا تنسي أن تكتبي اسم أخيك كمال معنا، قال الأب: لا ! لا تكتبي اسمه لأنَّه سيثبت اسمه في مكان تواجده هذه الليلة عند عمه، ولكن اكتبي اسم خالك عادل لأنه سيقضي معنا هذه الليلة. قالت الأم ولكنَّه سيغادرنا غداً إلى أهله في عدن، قال الأب: يُحسب من ضمن أفراد الأسرة كلُّ مَنْ وُجِدَ مَعَها ليلةَ التعدادِ «ليلة الإسنادِ الزمني ) ولو لم يكن أصلاً مقيما معها أو عضواً فيها، قالت الأم : وهي تضحك عرفتُ الآنَ كل شيء بصورة صحيحة، فضحك الجميع وهم يشكرون الوالد على جهده في إيصال المعلومات إليهم. 

إجابتك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

3 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (912ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
في ليلة شتوية قـارس بردها، حالكة ظلمتها، فوجئت فاطمة بوصول ابنها حاتم وخاله عادل من معسكرهما في مأرب !! فاستقبلتـهـمـا بـفـرح وسرور ، وأسرعت تخبر زوجها بمقدمهما ، فرحب بهما.
0 تصويتات
بواسطة (912ألف نقاط)
موضوع في مكتبة المدرسة يتحدث عن أهمية الإحصاء 1444
0 تصويتات
بواسطة (912ألف نقاط)
أهمية الإحصاء.

اسئلة متعلقة

...